نزاع بين رجلي أعمال على «صحة» عقد بيع شركة
نقضت المحكمة الاتحادية العليا، حكماً قضى بفسخ عقد بيع شركة بين رجلي أعمال، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً، مبينة أن الحكم الصادر لم يبحث صحة العقد، ومدى التزام كل من طرفيه بتنفيذ التزامه وصولاً إلى إتمام تسجيله لدى الجهات المختصة.
وفي التفاصيل، أقام رجل أعمال دعوى تجارية ضد آخر، مطالباً الحكم لمصلحته بصحة ونفاذ عقد بيع شركة، وإلزام المدعى عليه بكل بنود التعاقد، وسداده المديونية المتفق عليها في العقد والجدول المرفق به الدائنون، وكذا قيمة المبالغ التي سددها لتقاعس المدعى عليه عن سدادها للغير، وفائدة قانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة حتى السداد التام، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ نصف مليون درهم قيمة الشرط الجزائي الوارد بالعقد، لإخلاله ببنوده، وإلزامه بأن يؤدي له مليون درهم تعويضاً عن الأضرار المعنوية التي أصابته من جرّاء الإخلال بتنفيذ التزامه، وذلك لعدم سداده المبالغ المستحقة للدائنين، ما حدا بهم إلى استصدار أوامر قبض نفذت ضده.
وقال المدعي إنه باع الشركة للمدعى عليه، ونفذ التزامه بنقل ملكيتها والتوقيع على عقد البيع أمام دائرة التنمية الاقتصادية، وتولى المدعى عليه تغيير الرخصة، وتعديل الاسم التجاري للمؤسسة، بعد أن استلم مقرها وكل موجوداتها وباشر أعمال الإدارة فيها، إلا أنه أخلّ بتنفيذ بنود العقد، وامتنع عن سداد المديونية المبينة بالعقد، ما حدا بالدائنين إلى مقاضاته.
كما أقام المدعى عليه دعوى متقابلة ضد المدعي مطالباً الحكم برفض دعواه الأصلية، والحكم بفسخ عقد البيع، ورد مبلغ 427 ألف و500 درهم، التي سددها كجزء من ديون المدعي.
وقال المدعى عليه إن الرخصة التجارية للشركة لاتزال باسم المدعي، ولم يباشر إجراءات نقل ملكيتها بالاسم الجديد، ولم يتم التوقيع على تعديل بطاقة المنشأة، ما يعد مخلّاً بالتزامه العقدي.
وقضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بصحة ونفاذ عقد البيع المحرر بين طرفي الدعوى، وإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 660 ألف درهم، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، ورفض الدعوى المقابلة، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول، والقضاء مجدداً ببطلان العقد المبرم بين طرفي النزاع، وإلزام المدعى عليه برد مبلغ 10 آلاف درهم للمدعي، مؤسساً بطلان عقد البيع على أنه مجرد عقد عرفي لم يجر تصديقه وتوثيقه لدى كاتب العدل.
ولم يرتض المدعي بهذا الحكم، فطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، موضحاً أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من جهة قضائه ببطلان عقد البيع محل النزاع، لمخالفته الشرط الذي أوجبه القانون لصحة انعقاده، وهو أن يكون مصدقاً عليه من كاتب العدل، ومقيداً في السجل التجاري، حال أنه باشر إجراءات نقل الملكية لدى الدائرة الاقتصادية، وحصل على الموافقة المبدئية للتنازل عن الرخصة للمدعى عليه، وهو ما لم ينازع فيه الأخير ولم يف بالتزامه المتفق عليه في العقد المبرم بينهما، ما حال دون إتمام إجراءات نقل ملكية المحل، ولاسيما أن العقد نشأ صحيحاً مستكملاً كل شروطه القانونية، إلا أن الحكم لم يعن ببحث صحة العقد ومدى التزام كل من طرفيه بتنفيذ التزامه توصلاً إلى إتمام تسجيله لدى الجهات المختصة، ما يعبيه ويستوجب نقضه.
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، موضحة أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى استحقاق مالٍ يقصد بها تنفيذ التزامات البائع أو المتصرف فيه إلى المشتري تنفيذاً عينياً للحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فهي دعوى موضوعية تنصب على حقيقة التعاقد، فتتناول محله ومداه ونفاذه، بما مؤداه أن تلتزم محكمة الموضوع عند الفصل في الدعوى بمدى وجود هذا العقد فعلاً، أي تتعلق بواقعة سابقة على قيد المحل المبيع في السجل التجاري، ويجري فيها تحقيق وإثبات نشأة هذا العقد ذاته، وهي بهذه المثابة تعني طلب تقرير واقع سابق تمهيداً لاستيفاء ما أوجبه قانون المعاملات التجارية من إجراءات تالية، وصولاً إلى قيده في السجل التجاري، وأن تقرير هذا الواقع من سلطة محكمة الموضوع متى جاء استخلاصه في ذلك سائغاً له أصله الثابت في الأوراق.
ونقضت المحكمة الاتحادية العليا الحكم، مع إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً.
محكمة أول درجة قضت بصحة ونفاذ عقد البيع.. و«الاستئناف» حكمت ببطلانه.