«تشدد» في تحرير مخالفات مرورية بسبب «أخطاء ساذجة»
أبلغ سائقون «الإمارات اليوم» بأنهم تعرضوا لما وصفوه بـ«التشدد» في تحرير مخالفات مرورية لهم، على الرغم من أن الأخطاء التي ارتكبوها لا تنطوي على مخاطر، بل إن غالبيتها تنم عن نوع من السذاجة، متسائلين عن معايير تطبيق قانون السير والمرور، ومتى يتعين على شرطي المرور إبداء المرونة والاكتفاء بروح القانون بدلاً من تطبيقه حرفياً؟ ولماذا يختلف رد الفعل على المخالفات من شرطي إلى آخر؟
وأكد مشتكٍ أن شرطياً حرر له ثلاث مخالفات دفعة واحدة، لاختلافهما حول صحة الوقوف في مكان بعينه، فيما تعرض آخر لمخالفة أثناء إنزاله أغراضاً من مركبته أمام منزله في المنطقة المخصصة لذلك، وتلقى مخالفة أخرى حين توقف أمام المبنى حتى تتمكن زوجته وأطفاله من الصعود إلى المركبة.
وقال ثالث إن الشرطي خالفه أثناء وقوفه في شارع جانبي بمنطقة بعيدة عن الشارع لشراء شاي من كافتيريا.
وأكد رابع أنه توقف أقل من دقيقتين لاستلام ملابسه من المغسلة لكنه تلقى مخالفة.في المقابل، أكد رئيس مجلس المرور الاتحادي مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون العمليات، اللواء محمد سيف الزفين، لـ«الإمارات اليوم»، أن هناك تفاوتاً بين ردود أفعال رجال الشرطة في ما يتعلق بتحرير المخالفات، لكنه أضاف أن ذلك لا يستدعي لوم الشرطي على تحرير المخالفة ما دام الإجراء قانونياً.
وأكد الزفين عدم صحة اعتقاد البعض بأن رجال المرور في أي من إمارات الدولة يحصلون على نسبة أو فائدة من قيمة المخالفات المرورية، مشيراً إلى أن هناك أقساماً معنية بالنظر في الشكاوى، فضلاً عن إمكان اللجوء إلى نيابة السير للاعتراض.
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» مخالفات سجلت في مناطق مختلفة من الدولة، شكا مرتكبوها مما اعتبروه «تشدداً» من رجال المرور في تحريرها لهم، على الرغم من أنها لم تكن تلفت نظر زملاء سابقين لهم عملوا في الأماكن والظروف ذاتها التي حررت فيها المخالفة.
اللواء محمد سيف الزفين: – لا صحة لما يتداوله البعض حول حصول الشرطي على نسبة مئوية من قيمة المخالفة. – التوعية أفضل من المخالفة أحياناً.. ولا يمكن لوم شرطي لأنه طبق القانون بحذافيره. إلغاء مخالفات قال اللواء محمد سيف الزفين، إن إدارات المرور لا تجد ما يمنع من تصحيح مخالفة ثبت تسجيلها بطريقة خاطئة، مثل شكوى وردت إلى الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي من تسجيل مخالفة لأشخاص أوقفوا سياراتهم في منطقة رملية، دون أن يكون هناك علامات وقوف إرشادية تبين حظر الوقوف في المكان، وتم إلغاؤها. |
وأكدوا أن تراكم المخالفات المرورية عليهم يضع على كواهلهم أعباء مالية كبيرة في وقت تتزاحم المسؤوليات المالية المترتبة عليهم.
وقال سائق إنه اشترى أغراضاً لمنزله من أحد المتاجر، ونظراً لكثرتها وثقل وزنها اضطر إلى الوقوف أمام مدخل البناية لتفريغها ووضعها أمام المصعد، ليعود إليها بعد أن يوقف السيارة في مكان مناسب. وتابع أنه فوجئ بشرطي المرور يحرر له مخالفة، ويثبتها على زجاج المركبة الأمامي من دون أن يعير انهماكه في نقل الأغراض أدنى اهتمام.
وأعرب السائق عن استغرابه من تصرف الشرطي، لأنه حرر المخالفة من دون أن يكلف نفسه عناء مناقشته، أو تحريرها له حضورياً، بل تركها وغادر، على الرغم من أنه لم يتوقف أكثر من دقيقتين.
وأشار السائق ذاته إلى أنه تلقى مخالفة أخرى في المكان نفسه بعد مرور أيام قليلة على المخالفة الأولى، شارحاً أنه قصد منزله بعدما اتصل بزوجته حتى تنتظره أمام البناية لاصطحابها وأطفالهما إلى الخارج، وحين وصل إلى المدخل توقف أمامه مباشرة حتى تصعد أسرته إلى المركبة، لكنه فوجئ بدورية قادمة من الاتجاه المقابل، وبشرطي ينزل منها ويحرر له مخالفة، وعندما سأله عن السبب أخبره بأن وقوفه مخالف.
وتابع أنه حاول أن يشرح له أنه لم يتوقف إلا لثوانٍ، فرد عليه الشرطي بأن المخالفة حررت فعلاً، ولم يعد هناك مجال لمحوها.
وذكر سائق آخر أنه تعرض لثلاث مخالفات مرورية في إحدى المناطق الصناعية بعد أن ترك مركبته دقيقتين أمام أحد المتاجر.
وشرح أنه فوجئ بشخص يطل من نافذة مركبته ويوجه له اللوم لأنه أوقف مركبته في مكان غير ملائم، فرد عليه بأنه لم يتأخر أكثر من دقيقتين، لكن الآخر نزل من مركبته وصرخ فيه مهدداً.
وتابع السائق أنه فوجئ لاحقاً باستدعائه من مركز الشرطة، وحين وصل إلى هناك اكتشف أن الشخص الذي اختلف معه يعمل شرطياً، وأنه حرر له ثلاث مخالفات بقيمة 1500 درهم، اثنتان منها متشابهتان، مضيفاً أنه شرح لرجال الشرطة ما حدث بينه وبين الشرطي، فتعاطفوا معه وألغوا له مخالفة.
وأفاد سائق بأنه فوجئ بتحرير مخالفة له في مطار لم يسبق له أن استخدمه أو زاره في حياته، وحين توجه لمراجعة إدارة المرور في الإمارة التي يتبعها المطار أشار المسؤول إلى غرفة تضم أوراقاً كثيرة، وطلب منه الانتظار فيها إلى أن يتم العثور على المخالفة حتى يتمكن من مراجعة الشرطي الذي حررها له.
وأكد سائق أنه خرج من عمله في آخر النهار، وقبل أن يحل الظلام تماماً أوقفته دورية شرطة، وحرر له الشرطي مخالفة بسبب عدم إضاءة أنوار المركبة ليلاً، فشرح له السائق أنه سينتبه إلى ذلك مستقبلاً، متوقعاً أن يتعامل معه بروح القانون، خصوصاً أن الظلام لم يكن قد حل كلياً، لكن الشرطي أصر على تحرير المخالفة له.
وشكا أكثر من سائق من مخالفتهم أثناء الانتظار لاستلام غرض، من بينهم شخص نزل لإحضار ملابسه من المغسلة، وآخر في شارع جانبي توقف لشراء كوب من الشاي.
من جهته، قال اللواء محمد سيف الزفين، إن «رجال الشرطة مدربون على تنفيذ القانون، لكن البعض يبدي مرونة أحياناً إذا رأى أن التوعية يمكن أن تكون بديلاً عن المخالفة». وأضاف: «في كل الأحوال، لا يمكن لوم شرطي على أنه نفذ القانون حرفياً ولم يكتف بروحه».
وتابع أن «الخطأ وارد حتى في الرادار، لذا يجب على أي شخص شعر بالظلم في تحرير مخالفة ما أن يشكو لإدارة المرور المختصة»، لافتاً إلى أن هناك نقصاً في وعي فئة من الجمهور.
وحول تصرفه شخصياً حين يرصد مخالفة ما، أكد الزفين أنه لا يحرر مخالفة إلا إذا تجاوز تأثيرها السلبي حدوده إلى الآخرين، مثل التصرف بتهور أو عرقلة حركة السير، مشيراً إلى أن «التوعية ربما تكون أكثر تأثيراً من المخالفة، وإن كان هناك فئة من السائقين لا يرتدعون إلا بمخالفتهم».
وأشار إلى أنه خاطب السائقين الذين يشكون من تحرير بعض المخالفات غيابياً، مثل عدم ارتداء حزام الأمان، لمراجعة الإدارة العامة للمرور في دبي، وإذا تمسك الشخص بأنه لم يخالف تلغى المخالفة، لكن اكتشف أن غالبية المراجعين لا يلتزمون بذلك، وسجلت ضدهم المخالفة ذاتها أكثر من مرة.
وأفاد الزفين بأن هناك مخالفات بعينها تقع سهواً، مثل عدم إضاءة أنوار المركبة، ويفضل تنبيه السائق بدلاً من مخالفته، لكنها تظل مخالفة في النهاية، ومن حق الشرطي تحريرها، مؤكداً أن هناك تفاوتاً بين شرطي وآخر في عملية التنفيذ، والنظر الى المخالفات.
وأكد عدم صحة اعتقاد البعض بأن رجال الشرطة يحصلون على نسبة من المخالفات التي يحررونها، لافتاً إلى أنه لا يمكن السماح بذلك، حتى لا يتعسف رجال المرور في حق الآخرين.