أصحاب مزارع: السدود لــــم تحقق المأمول منها في تغذية المخزون الجوفي للمياه
أفاد أصحاب مزارع مواطنون في إماراتي الشارقة والفجيرة، بأن السدود المائية لم تحقق المأمول من إنشائها في تغذية المخزون الجوفي للمياه، إذ إن معدلات تبخر المياه فيها تفوق معدلات التخزين، عازين الأسباب إلى مواقع بناء السدود، والرسوبيات الطينية المتجمعة فيها، مطالبين بدراسات واستراتيجيات لتقييم فعالية السدود في تغذية الخزان الجوفي بالمياه.
من جانبه، أكد وزير التغير المناخي والبيئة، الدكتور ثاني الزيودي، أن الوزارة تعتزم إشراك المزارعين في اختيار أماكن السدود الجديدة قبل الشروع في بنائها، لدرايتهم بطبيعة الأرض، مشيراً إلى بناء 96 سداً جديداً على مستوى الدولة.
وتفصيلاً، قال المواطن خليفة سيف الطنيجي، من مدينة الذيد أن مواقع السدود تحد من الاستفادة من المياه المتجمعة فيها، إذ إن المناطق الواقعة خلف مجرى السد لا يمكنها الاستفادة من المياه، بسبب الآبار المهجورة المنتشرة بقرب مناطق السدود والمحفورة على أعماق بعيدة من جوف الأرض، والتي تسبب في تسريب المياه لطبقات بعيدة من جوف الأرض.
الدكتور ثاني الزيودي: «سيتم التشاور مع المزارعين عند بناء الآبار الجوفية المهجورة قال صاحب مزرعة في مدينة الذيد، سعيد الطنيجي، إن الآبار الجوفية المهجورة تشكل تحدياً آخر للمياه الجوفية، لأنها تحفر على مسافات بعيدة في جوف الأرض بعمق يتعدى الطبقات الحافظة للماء، ما ينتج عنها تسرب الماء من الطبقات الحاملة له، ليصل بدوره إلى تجاويف (كهفية) غير معلومة المواقع في باطن الأرض. |
وأشار إلى أن بناء سدود فوق أرضيات صخرية يجعل معدل تبخر المياه المتجمعة فيها مرتفعاً، مشدداً على ضرورة وضع استراتيجية لبناء سدود قائمة على التشاور بين الجهات المعنية وذوي الخبرة بطبيعة وجغرافية الأرض وأصحاب المزارع.
ولفت إلى وجود عوائق وطرقات في الوديان تعيق وصول المياه إلى السدود، كما في سد وادي (حام)، إذ تعيق شاحنات مسار الوادي الذي يصب فيه، ما يسرّع من تبخر المياه قبل وصولها إلى السد.
وعزا صاحب مزرعة في مدينة الذيد، سعيد الطنيجي، عدم الاستفادة من مياه السدود إلى ظاهرة (تشميع الأرض)، شارحاً أنها عبارة عن طبقة من الطين غير منفذة للماء تفصل بين سطح الأرض والمياه، وتؤدي إلى تبخر كميات كبيرة من هذه المياه، ما يحول دون تغذيتها جوف الأرض، وتالياً يصعب الوصول إلى نتيجة مجدية مستقبلاً عند حفر الآبار الجوفية.
وتابع: «حتى المياه المتجمعة في السدود لا يمكن نقلها والاستفادة منها في ري المزارع، كونها ملوثة، وتحوي على كميات كبيرة من النفايات السامة والمتحللة التي يجمعها الوادي ويحملها أثناء جريانه ليرميها في السد».
وأشار إلى أن «هناك سدوداً تتجمع فيها مياه أمطار، ولكن في نهاية المطاف تصب هذه السدود مياهها في البحار».
وذكرت المزارعة مريم الحمودي، من الفجيرة، أن تنمية الجانب الزراعي تتطلب إنشاء سدود وحواجز مائية في مناطق مدروسة، مشددة على ضرورة إشراك المزارعين وسكان المناطق المختلفة في تحديد الأماكن المناسبة لبناء السدود والقنوات المائية والبحيرات.
ولفتت إلى أهمية الصيانة الدورية للسدود للحفاظ على الطاقة التخزينية المفترضة لها، والتي قد تتدنى بشكل ملحوظ، بسبب ترسب مواد الطمي، ما يقلل من تغذية باطن الأرض بالمياه.
وأشارت إلى أن سدود المنطقة الشرقية تواجه تحدياً آخر يحول دون استفادة مزارعي المنطقة منها، يتمثل في رمي البعض ما نفق من ماشيته عند مجاري ومصبات الأودية التي تجرفها باتجاه السدود، وفي حال تحولت مياه السدود الملوثة إلى جوفية، فإنها ستحوي على نسبة عالية من الكبريت والأملاح والعناصر السامة التي تؤدي إلى هلاك وتلف المحاصيل الزراعية التي تسقى بها.
من جانبه، أكد وزير البيئة والتغير المناخي، الدكتور ثاني الزيودي، أنه وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سيتم التشاور مع المزارعين عند بناء السدود الجديدة، نظراً لمعرفتهم بطبيعة الأرض المحلية، وبعملية تذويب المياه، مشيراً إلى اعتزام الوزارة تنفيذ خطة تتضمن بناء 96 سداً جديداً على مستوى الدولة، لتحقيق المأمول منها في زيادة نسبة مخزون المياه الجوفية.
وقال إن «لبناء السدود أثراً كبيراً في إنعاش مخزون المياه الجوفية، خصوصاً مع سقوط الأمطار الغزيرة التي شهدتها الدولة أخيراً»، مؤكداً أن «تزويد الطبقات الجوفية بالمياه في الأماكن المختلفة، يحدث عن طريق انتقال المياه الجوفية من منطقة لأخرى، والتي تأخذ بعداً زمنياً كبيراً، بسبب بطء حركة المياه».
وأشار إلى أن «الوزارة حوّلت ملف بناء السدود وأمن المياه إلى وزارة الطاقة، التي ستتولى بدورها وضع استراتيجية تتعلق بحل مشكلات المياه والسعي للمحافظة عليها»، مؤكداً أن الوزارة تدرس حالياً سياسات جديدة متعلقة بالتقنيات التي ستدخل الدولة، التي ستعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية، واستهلاك المياه، وستكون كل التقنيات معفية من الرسوم الجمركية.
وأشار إلى ظاهرة انتشار الآبار المهجورة، التي يراوح عددها بين 20 و30 بئراً جوفية في المزرعة الواحدة، مطالباً بتعاون الجميع للحد من ظاهرة الحفر العشوائي لها، من أجل تقليل الضغط على مخزون المياه الجوفية، مؤكداً أن الوزارة تتواصل مع الجهات المعنية بالدولة لحل إشكالية انتشار الآبار المهجورة.
من جانبه، قال الخبير الزراعي وعضو المجلس الاستشاري بالشارقة، الدكتور خليفة بن دلموك، إن معظم السدود تبنى بطريقة غير علمية، إذ لا تتم دراسة الأرضية التي يبنى عليها السد، موضحاً أن معظمها يبنى فوق تشققات أرضية (أخاديد) ذات اتجاهات مختلفة، يتحرك عبرها الماء في مسارات خاطئة لا تؤدي إلى جوف الأرض، بل تتوزع في أخاديد عشوائية.
وأشار: «حين تمتلئ السدود بمياه الأمطار، فإن 70% من هذه المياه تتبخر، في حين أن 30% يغذي باطن الأرض في حال تهيأت له الظروف الملائمة لذلك»، مشيراً إلى تكون طبقة «الطمي» العازلة وغير المسامية، التي تمنع وصول مياه السدود لجوف الأرض.
وقال بن دلموك إن حل هذه الإشكالية يكون بفتح قنوات السدود بعد نحو 72 ساعة من سكون حركة المياه المحجوزة، إذ تنفصل طبقة الطين السفلية عن الماء الذي يكون نظيفاً وخالياً من الشوائب، وحين تفتح محابس المياه، فإن طبقة الطين تبقى ثابتة في مكانها، بينما تتحرك المياه النظيفة للجهة الأخرى من السد، ما يسهل عملية ترشحه في الأرض، مؤكداً أن هذه الطريقة أثبتت نجاحها بنسبة 90% حين تم تطبيقها في سد شوكة.