قانونيون: النظرة المتفحصة في ملامح أو جسد المرأة جريمة.. ورجال يجهلون العقوبات
كشف قانونيون لـ«الإمارات اليوم» أن هناك ضعفاً ثقافياً لدى كثير من الرجال بعواقب المعاكسات أو التلصص على النساء، إذ يتصرف البعض أحياناً بتلقائية نتيجة عادات تعتبر اعتيادية بالنسبة لفئة من المقيمين الذين يفدون من دول لا تتصرف بحزم حيال التحرش بالنساء، غير مدركين أن هذه التصرفات ربما تقود إلى السجن والإبعاد بحسب القانون الإماراتي.
وقالوا إن النظرة الطويلة غير المريحة للمرأة والتفحص في ملامحها أو جسدها تعد نوعاً من خدش الحياء، ويحق لها الشكوى، وفي حالة إثبات صحة دعواها، من خلال الكاميرات أو شهود أو غيرهما من الأدلة، فإنّ من الوارد إحالة الشخص المتورط في ذلك إلى القضاء وإدانته، وربما حبسه وإبعاده، وكذلك توجيه عبارات غزل قد يعتبرها البعض عادية وأن النساء تحبها مثل «يا جميل» أو «يا قمر»، أو القيام بحركات مثل ما يعرف بـ«الترقيم»، ربما تقود إلى حبس مرتكبها عاماً أو تغريمه.
وأضافوا أن كثيرين لا يدركون كذلك عواقب التلصص، سواء بتصوير الآخرين دون علمهم أو زرع كاميرات لهم، وهذه تصرفات تتكرر في بعض الأماكن العامة مثل الشواطئ، ويمكن أن تصل بصاحبها إلى الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة تصل إلى 500 ألف درهم.
وضبطت شرطة دبي، خلال العام الماضي، 19 شخصاً تورطوا في معاكسات لنساء، وقال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، العميد جمال سالم الجلاف، إنه تم القبض على 11 معاكساً في شارع جميرا، وخمسة معاكسين في شارع الممزر، ومعاكسين في شارع الخوانيج، ومعاكس في شارع المركز التجاري، مؤكداً أن هذا السلوك مشين، وينعكس سلباً على الأفراد، ويتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي.
وسجلت محاكم الدولة قضايا عدة لرجال أدينوا بخدش حياء نساء، وهناك قضايا أخرى لمشاجرات واعتداءات حدثت نتيجة سلوكيات مثل هذه، ومنها قضية اعتداء أدين فيها شقيقان أوروبيان يعملان مديرين بشركة كبرى، تحرّشا بامرأة برفقة زوجها، وحين تصدى لهما صديق الزوج، انهالا عليه ضرباً، فكان مصيرهما السجن، ثم الإبعاد بعد انتهاء فترة العقوبة.
فيما قضت محكمة الجنايات في دبي بسجن موظف آسيوي (41 عاماً) بالحبس ستة أشهر والإبعاد، بعد إدانته في واقعة تصوير مئات المقاطع والصور العارية بكاميرا سرية في حمام مشترك، بشقة كان يسكن فيها مع أسرة آسيوية.
وأدانت المحكمة المتهم بانتهاك خصوصية الغير وخدش حيائهم بتصويرهم عراة بواسطة كاميرا صغيرة الحجم قام بتثبيتها في سقف حمام مشترك بشقة يقطن فيها مع رجل وزوجته وشقيقة الزوج وثلاث نساء أخريات، فالتقط لهن عشرات الصور العارية، كما وجهت إليه النيابة العامة تهمة ارتكاب جناية هتك عرض المجني عليهن بالإكراه.
واعترف المتهم في جلسة استماع بمحكمة جنايات دبي بالواقعة، مقرّاً بأنه كان يفعل ذلك مدفوعاً بغرائز جنسية، وطلب سابقاً العفو من زملائه في السكن عما اقترفه بحقهم.
وقال مصدر قضائي إن البعض يستسهل توجيه عبارات غزل إلى نساء، كأن يقول لها «يا جميل» أو «يا قمر» أو «صاروخ» أو يشبهها بالفرس، وغيرها من العبارات التي يوجهها المعاكسون دون أن يدركوا أن كلمات مثل هذه يمكن أن تجرهم إلى القضاء، وهناك قضايا سجلت بالفعل وأدين المتهمون فيها، وحكم عليهم بالسجن والإبعاد.
وأكد المصدر أن المشرع الإماراتي حرص على تقدير مشاعر المرأة وحمايتها بقوة القانون، باعتبارها مخلوقاً حساساً، ويمكن أن تتأذى مشاعرها بعبارات وتصرفات مثل هذه، لافتاً إلى أن كثيراً من التحرشات تقع في محيط العمل، لكن لا تفصح عنها النساء لاعتبارات مختلفة، لكن كثيراً من الأشخاص أدينوا في قضايا سجلت بالمحاكم، منهم مديرون استغلوا سلطاتهم في التحرش بموظفات يعملن تحت إمرتهم.
وأوضح أن توجيه كلمة أو حركة أو إشارة لها مدلول جنسي إلى امرأة غريبة كأن يوجه إليها قبلة في الهواء أو يترك لها ورقة عليها رقم هاتفه، أو حتى ينظر إليها بطريقة طويلة متفحصاً جسدها، كلها أفعال مجرّمة بالقانون.
من جهته، قال الخبير القانوني أحمد السيد إن توجيه عبارات أو إشارات أو حركات مثل تلك تقود صاحبها إلى القضاء بتهمة خدش حياء أنثى بحسب المادة 359 من القانون، التي تنص على «معاقبة الشخص بالحبس لفترة لا تتجاوز عاماً أو غرامة لا تتجاوز 10 آلاف درهم أو كلتا العقوبتين، إذا خدش حياء أنثى بتصرف ما، سواء كان كلمة أو فعلاً في مكان عام».
وأضاف السيد أن هذه القضايا ربما تكون قليلة في المحاكم لسببين متناقضين، الأول صلابة شريحة كبيرة من النساء في الوقت الراهن، وقدرتهن على التصدي لأي شخص يتحرش بهن، والرد المناسب عليه في الوقت ذاته، والثاني هو صمت شريحة أخرى وتفضيلهن عدم إثارة المشكلات لأفكار متعلقة بالسمعة، أو لظروف العمل وغيرها.
وأشار إلى أن الإشكالية في مثل هذه الممارسات انتقالها من الحيز الواقعي إلى الافتراضي، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وبالتالي تكون موثقة، وتعد جنحة بحكم القانون، وتمت إدانة أشخاص أرسلوا عبارات أو مواد خادشة للحياء، والإبعاد في هذه الحالات وجوبي لأنها تندرج تحت بند جرائم الشرف، بحسب الفقرة الخامسة من المادة 121 من القانون.
وحول التلصص قال المحامي عمر عبدالعزيز إنه يجب التمييز بين نوعين من التلصص، الأول في مكان عام مثل الحالات التي تقع على الشواطئ، أو غيرها، والثاني التلصص على امرأة في مكان خاص مثل منزلها أو حمام العمل أو أي مكان يتمتع بالخصوصية، وتصويرها، لافتاً إلى أن هذه الجرائم تندرج تحت نطاق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي ينص في مادته رقم 21 على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظاماً معلوماتياً إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرّح بها قانوناً.
وأضاف أن القانون فصّل طرق الاعتداء، وهي استراق السمع أو اعتراض أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية، أو التقاط صور الغير، وطرق أخرى.
وأشار عبدالعزيز إلى أنه في حالة التلصص بمكان خاص، مثل القضية المشار إليها للآسيوي الذي تلصص على جيرانه من خلال كاميرا زرعها في حمام مشترك، فإنه يضاف إليه ارتكاب جناية هتك العرض بالإكراه.
المشرّع الإماراتي حرص على تقدير مشاعر المرأة وحمايتها بقوة القانون.