«السلف الودية».. نزاعات مالية محتملة
قال مواطنون ومقيمون إنهم وقعوا ضحايا لعمليات سرقة من أصدقاء ومعارف لهم، بعدما أقرضوهم مبالغ مالية «سلفة» من دون سند قبض يثبت حقهم، في حين حصل ضحايا آخرون على شيكات مقابل هذه المبالغ، وتبين لاحقاً أنها من دون رصيد، ما دفعهم إلى فتح بلاغات في مراكز الشرطة.
تنظيم قانوني للشيكات المرتجعة نظمت المادة (401) من قانون العقوبات قضية الشيكات المرتجعة، حيث نصت على أنه «يعاقب بالحبس أو الغرامة من أعطى بسوء نية صكاً (شيك) ليس له مقابل وفاء كافٍ قائم وقابل للسحب، أو استرد بعد إعطائه الصك كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمة الصك، أو أمر المسحوب عليه (البنك) بعدم صرفه، أو كان قد تعمد تحريره أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه». وتقضي المادة بأن «يعاقب بالعقوبة ذاتها من ظهّر لغيره أو سلمه صكاً لحامله، وهو يعلم أن هذا الصك ليس له مقابل قائم يفي بقيمته أو أنه غير قابل للسحب. وتنص مواد القانون كذلك على أن الدعوى الجنائية تنقضي إذا تم السداد أو التنازل بعد وقوع الجريمة، وقبل الفصل فيها بحكم باتّ، وإذا حدث بعد صدور حكم باتّ يوقف تنفيذه. |
وأكد المحامي علي العبادي ضرورة إثبات الديون المالية بين الأفراد، أمام المحاكم المدنية، بأي وسيلة ممكنة، مثل شهادة الشهود، وإيصال التحويلات من مراكز الصرافة، والشيكات المصرفية وأي ورقة تثبت حق الدائن في تسلم المدين للمال.
فيما حذر مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، العقيد الدكتور صلاح عبيد الغول، من المسؤولية القانونية التي تقع على محرري الشيكات التي لا يقابلها وفاء، داعياً إلى أخذ الحيطة والحذر في التعاملات المالية.
وبحسب إحصاءات شرطة أبوظبي، فقد بلغ إجمالي عدد بلاغات الشيكات المرتجعة، التي تعاملت معها مراكز الشرطة خلال عام 2014، نحو 12 ألفاً و789 بلاغاً، مقارنة بـ15 ألفاً و927 بلاغاً عام 2013، مسجلةً فارقاً إجمالياً بلغ 3138 بلاغاً.
وأكدت شرطة أبوظبي أن وجود جمهور واعٍ ومستنير ومشارك في العملية الأمنية، في ظل مجموعة من برامج التوعية والرسائل وحملات الشرطة الهادفة والمقننة، يسهم إيجاباً في خفض مؤشر البلاغات، وترسيخ مفهوم التوعية المجتمعية.
وقال المواطن يوسف أحمد إنه أقرض أحد أصدقائه 70 ألف درهم، لمساعدته على تجاوز مشكلة مالية، وحصل منه على شيك بقيمة المبلغ، إلا أن صديقه ماطل في إعادته إليه، لفترة طويلة، وعند محاولته صرف الشيك من أحد البنوك، منذ عامين تقريباً، تبين له أنه من دون رصيد، ما اضطره إلى فتح بلاغ في أحد مراكز الشرطة ضد محرر الشيك، وتابع أنه لم يحصل على أمواله بعد.
وذكر خالد محمد أن أحد معارفه طلب منه مبالغ مالية على فترات، بلغ مجموعها 30 ألف درهم، وذلك على سبيل الاستدانة. وقال إنه لم يحصل منه على أي سند أو ورقة تثبت حقه في استعادة أمواله، لأنه اعتبر أن العلاقة التي تربطه به أقوى من أي سند قانوني، وعندما طالبه لاحقاً برد الدين، أخذ يتهرب منه، بل أنكر أنه حصل منه على أي مبالغ مالية، مضيفاً أنه حاول فتح بلاغ ضد المدين، لكنه لم يكن لديه ما يثبت هذا الدين.
وأشار رامي عز إلى أنه «أقرض أحد أصدقائه 45 ألف درهم، لمساعدته على فتح مشروع تجاري، وحصل منه على شيك بقيمة المبلغ، لكنه عاد وأقرضه مبالغ مالية إضافية على فترات متباعدة، من دون أن يحصل منه على أي سند، وفشل في إثباتها ضمن الدعوى القضائية التي أقامها ضده، بعد أن فشلت كل المحاولات الودية لاسترجاع حقوقه».
إلى ذلك، دعا مكتب ثقافة احترام القانون بالإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أفراد المجتمع إلى توخي الحيطة والحذر في تعاملاتهم المالية، خصوصاً تحرير الشيكات، موضحاً أنها «أداة وفاء تقوم مقام النقود في التعاملات التجارية».
وقال مدير المكتب، العقيد الدكتور صلاح عبيد الغول، إن هناك جهات تشريعية مختصة، تدرس الأوضاع التي تستدعي تحديث التشريعات وتغييرها، حسب الإحصاءت التي تزودها بها الجهات صاحبة العلاقة في هذا الخصوص.
ونصح الغول أفراد المجتمع بأن يكونوا حذرين في استخدام دفاتر شيكاتهم، لافتاً إلى أن «الشيك الموقع من قبل الشخص على بياض، دون اسم مستفيد، أو نقداً، قد يكون سبباً لسرقة الشيك، وصرفه من قبل أي شخص، كما أن ترك دفاتر الشيكات غير الموقعة في أماكن يسهل الوصول إليها، كالسيارة، قد تعرض الشخص لسرقة الشيكات وتوقيعها وصرفها من قبل آخرين».
من جانبه، قال المحامي علي العبادي، إن «الأصل في المعاملات المالية بين الأفراد أنها تقوم على الثقة والأمانة، خصوصاً عندما تتعلق هذه المعاملات بمبالغ مالية يتم إقراضها على سبيل السلفة، لمساعدة صديق أو قريب في تجاوز أزمة مالية، لكن مع زيادة المشكلات المالية، ووصولها إلى مراكز الشرطة والمحاكم، فإنه يتوجب على الأفراد أن يأخذوا الضمانات الكافية عند منح (سلف) مالية للآخرين، مهما كانت هذه المبالغ كبيرة أو صغيرة».
وأضاف أن «هناك مدينين ينكرون أنهم حصلوا على أموال على سبيل (السلفة) من الدائنين، الذين يقع على عاتقهم إثبات هذا الدين»، مشيراً إلى أن «مثل هذه القضايا تنظرها المحاكم المدنية، لأنها ليست بها شبهة جنائية، ويمكن للدائن أن يستند إلى أي وسيلة تثبت حقه، مثل شهادة الشهود أو سند تحويل الأموال من البنوك أو مراكز الصرافة، أما في حال كان لديه شيك ثبت أنه من دون رصيد، فيمكن له أن يقيم دعوى جزائية».
وأشار العبادي إلى أن «عمليات الإقراض المتبادلة على مستوى الأفراد منتشرة في كل مجتمع، ويغلب عليها الثقة، التي قد لا تستدعي تحرير سند أو شيك مصرفي من وجهة نظر كثيرين، لكنها قد تتطور إلى نزاعات ومطالبات مالية تصل إلى مراكز الشرطة والمحاكم، حيث لا اعتداد إلا بوجود الدليل المادي الذي يثبت حق الدائن».
ودعا إلى «الحيطة عند إقراض الأشخاص غير المعروفين، أو الذين تحوم شكوك حول رغبتهم في السداد، وأن يكتبوا ديونهم، احترازاً، ومنعاً لوقوع أي مشكلات مالية مستقبلية».