مشعل.. مُسعف بأدوار بطولية
لا ينسى المسعف المواطن مشعل عبدالكريم جلفار شهر مارس من العام الماضي، حين «تلقّى بلاغاً بوجود حالة طارئة في شارع بغداد في دبي، ولما انتقل إلى موقع البلاغ اكتشف أنها امرأة حامل في حالة وضع، ومطلوب منه توليدها في الحال، وذلك ما فعله، ليكون أول مواطن يولّد مريضة في سيارة إسعاف».
مشعل (31 عاماً)، واحد من ثمانية درسوا الطب الطارئ في كلية التقنية في دبي، وشكلوا أول دفعة مسعفين مواطنين في دبي، وروى لـ«الإمارات اليوم» بداية التحاقه بمركز خدمات الإسعاف في دبي «تخرجت في كلية الشرطة في دبي بصفة وكيل شرطة، وقادتني المصادفة لأن أصبح واحداً من أول المسعفين المواطنين في الإمارة، فقد عملت في إدارتي التحريات ومكافحة المخدّرات، وبحكم عملي في الشرطة تعرّفت إلى خدمات الإسعاف وأحببتها، لدورها الإنساني غير المحدود».
وأضاف «طلبت الالتحاق بالعمل في هذه الخدمة، فتم تعييني في وظيفة إداري مسؤول عن اللوازم الطبية التي تمد سيارات الإسعاف باحتياجاتها من المعدات والأدوات الطبية، لكنّ هذا لم يُرضِ رغبتي في أداء دور إنساني خاص».
وتابع «التحقت بكلية التقنية في دبي، وبعد أربع سنوات تخرجت فيها حاملاً شهادة فني طب طارئ، وانضممت في الحال إلى خدمة الإسعاف».
ولا يتذكر مشعل عدد البلاغات، أو الحالات التي أسهم في إنقاذها، لكنه لا ينسى حالة الولادة التي أجراها لامرأة إيرانية العام الماضي، حين تلقّى في الصباح الباكر بلاغاً بالحالة «فانتقل إليها ليرى امرأة تعاني آلام المخاض على جانب الطريق، فنقلها مسرعاً إلى مستشفى دبي، لكن الحالة كانت متأخرة».
واستطرد «قررت في الحال إيقاف السيارة، وبدأت في عملية الولادة، ليولد طفل على يدي، وكانت هذه اللحظة من أسعد لحظات حياتي، ولن أنسى أيضاً حين كنت في سيارتي خارج وقت الدوام، وشاهدت حادث دهس على طريق الإمارات، فتوقفت في الحال، وبدأت أتعامل مع المصابين ناسياً أني أرتدي الكندورة والغترة والعقال، وليس اللباس الرسمي، وساعدت زملائي المسعفين في الموقع على إنقاذ مصابين من مضاعفات صحية شديدة».
ونال مشعل شهادة تقدير من شرطة دبي «لدوره البطولي في إنقاذ ثلاثة عمال من الموت»، ويروي هذه الواقعة بقوله «تلقيت بلاغاً بسقوط سقالات في منطقة الصفوح، فتحركت في الحال إلى موقع الحادث، وعلمنا أن ستة عمال وقعوا ضحايا أسفل السقالات الحديدية، وبحكم عملي لابد أن أنتظر حتى يُخرج رجال الإنقاذ المصابين، وأبدأ التعامل معهم طبياً، لكنني نزلت مع رجال الإنقاذ وقدمت الإسعافات الأولية للمصابين أسفل كتل الحديد».
ويشير إلى أنه واجه انتقادات شديدة من المحيطين به لأنه ترك العمل العسكري واتجه إلى العمل المدني، ويقول «أدعو أبناء وطني إلى الالتحاق بهذا العمل النبيل، وأؤكد لهم أن السعادة التي أشعر بها حين أنقذ مصاباً، لا تضاهيها سعادة أخرى في الدنيا»، مضيفاً «أعد ابنتي الصغيرة لأن تكون هي الأخرى مسعفة أو طبيبة لتسهم في تخفيف آلام المصابين».
من جانبه، قال المدير التنفيذي لمركز خدمات الإسعاف في دبي خليفة بن دراي، إن «مشعل نموذج للمواطنين المسعفين الذين أثبتوا كفاءة كبرى في أداء مهمتهم الإنسانية، وأثبتوا للجميع أن المواطن قادر على العمل في الميدان دون كلل أو ملل».
وأضاف «بعد هذا النجاح، يعمل المركز حالياً على تأهيل مواطنين آخرين ليكونوا مسعفين، يتولون إدارة العمل في أسطول الإسعاف».