الهرمونات المغشوشة.. عقم وهشاشة واضطرابات نفسية

الهرمونات المغشوشة.. عقم وهشاشة واضطرابات نفسية

قسم: اخبار العالم » بواسطة adams - 12 ديسمبر 2024

مخلفات إبر طبية تناثرت في دورات المياه وغرف خلع الملابس في صالات رياضية، بعدما استخدمها روّاد الصالة لحقن الهرمونات في أجسادهم، كاشفة عن نوع من الهوس بإعادة رسم الأجساد، وإن بطريقة غير آمنة، ولا تخضع لأبسط اشتراطات السلامة.

وفيما أصدرت دائرة الصحة في أبوظبي، أخيراً، قائمة تضمنت 157 مكملاً غذائياً مغشوشاً، حذّرت هيئة الصحة في دبي من تناول المكملات دون إشراف طبي، مشيرة إلى أن «أغلبية الصالات الرياضية تتاجر في هذه المنتجات، دون التعاقد مع أطباء أو مختصين للإشراف على تناولها».

وحدّد قائمون على رياضة كمال الأجسام وخبراء لياقة بدنية أسباباً عدة لانتشار تناول المكملات دون إشراف طبي، منها: عدم التشدّد في منح تراخيص إنشاء نوادي لياقة بدنية (صالات الجيم)، واستخدام مدربين غير مؤهلين (من بينهم أشخاص بدؤوا مسيرتهم عمال نظافة في الصالات نفسها)، وجشع مدربين يبيعون الهرمونات لروّاد الصالة، وقلة وعي وضعف ثقافة فئة كبيرة من مرتادي الصالات، واستعجال الحصول على جسم مثالي، وضعف الرقابة على تداول الهرمونات أو المكملات (يمكن جلبها من الخارج بسهولة، دون أن تمر على القنوات الرقابية اللازمة)، وتكتم كثير من مستخدمي الهرمونات على تعاطيهم لها بداعي الخجل من اكتشاف أن أجسامهم بنيت بطريقة زائفة، لافتين إلى أن النظرة العامة للهرمونات أشبه بالنظرة إلى المنشطات الجنسية، فالكثيرون يخجلون من الاعتراف باستخدامها، حتى بعد تعرضهم لمشكلات صحية خطرة.

ضحايا الاستخدام الخاطئ للهرمونات كثيرون، ووقوع حالات وفاة وحدوث مضاعفات صحية ناقوس خطر تدقه «الإمارات اليوم» باقتحامها هذا العالم، الذي ظاهره براق، وباطنه مدمر.


يتناول كثير من الشباب والرياضيين، خصوصاً هواة بناء الأجسام، هرمون النمو (growth hormone)، أو المنشطات لبناء وتقوية كتلة العضلات، على الرغم من التحذيرات المستمرة من تعدد تأثيراتها، التي تشمل – وفق مختصين – الإصابة بالعقم وهشاشة العظام والاضطرابات النفسية، فضلاً عن سمعتها السيئة، التي تدفعهم غالباً إلى التكتم عن تعاطيها.

وعلى الرغم من ذلك، نسمع بين وقت وآخر عن فضائح متكررة في عالم الرياضة، حين يتبين أن أحد اللاعبين تناول منشطاً أو نوعاً من الهرمونات، لأن ما يحققه من نتائج لا يعد حقيقياً.

وينتج هرمون النمو البشري من الجزء الأمامي للغدة النخامية، ويعمل على تحفيز وتيرة نمو العظام لدى الأطفال، ولهذا فهو يعطى للطفل عندما يتوقف نموه في مرحلة معينة، فيما يستخدمه هواة بناء الأجسام لتحفيز عضلاتهم على النمو بوتيرة أسرع مما يستدعيه النمو الحقيقي. إلا أن الآثار الصحية التي تنجم عن ذلك، تجعل متعاطي الهرمونات من دون إشراف طبي على موعد مع أمراض بالغة الخطورة، من دون استثناء احتمال التعرض للموت المفاجئ.

ووفقاً لاستشاري أمراض القلب في معهد القلب والأوعية الدموية في كليفلاند كلينك أبوظبي، الدكتور وائل المحميد، فإن المشكلة الأساسية في المنتجات الخاصة بتكبير العضلات، هي بيع بعض الأدوية في صالات أندية رياضية من دون تصريح أو رقابة، واستخدامها في غير دواعيها الطبية. ومنها هرمون النمو البشري، الذي يخلط مع الأنسولين، مشيراً إلى أنه «يصرف فقط للأطفال المصابين بنقص هرمون النمو، إلا أن كثيراً من الشباب يستخدمونه لتضخيم عضلاتهم».

وتابع أن «بعضهم يتناول أيضاً الهرمون الذكري (التستوستيرون)، وهو لا يستخدم إلا في حالات الضعف الجنسي».

وشدد المحميد على خطورة تناول الأدوية وخلطها بمواد أخرى، واستخدامها في بناء العضلات، لافتاً إلى «عدم ضمان صلاحية الهرمونات، بسبب عدم معرفة مصدرها، وما إذا كانت سليمة أو مقلدة».

وأضاف المحميد: «هناك شركتان عالميتان فقط لإنتاج الأنسولين، و(الجروث هرمون). ولا يمكن التنبؤ بمصدر أو جهة تصنيع الهرمونات المبيعة في الأندية الرياضية»، مشيراً إلى أن «التاريخ المرضي لكثير من المرضى المصابين بالذبحة الصدرية، والجلطات، يكشف عن تناولهم لهذه الأدوية خلال ممارستهم الرياضة».

كما حذر أخصائي الطب النفسي، ياسر حسن، من إمكان إدمان الشخص المنشطات الرياضية، نتيجة اعتياد الجسم الجرعة والاحتياج إلى زيادتها بعد تلاشي مفعولها على الجسم، وعدم تحقيق النتيجة المعتادة، مشيراً إلى أن «استخدام المنشطات الرياضية لوقت طويل دون إشراف طبي يتسبب في أمراض جسمانية ونفسية خطرة».

وأكدت دائرة الصحة في أبوظبي أن «المكملات الغذائية لا تهدف إلى منع أو تشخيص أو علاج الأمراض، لذلك يجب على مستهلكيها الحذر من الإعلانات والادعاءات المضللة لبعض المكملات الغذائية»، مشيرة إلى أن «بعض المنتجات تسوق كمكملات غذائية، فيما هي تشكل خطراً على الصحة، خصوصاً عندما لا يتم تصنيعها وفقاً للمعايير العالمية. وقد يكون بعضها ملوثاً بمكونات بيولوجية غير مرغوبة، مثل الفطريات والميكروبات أو المعادن الثقيلة. أو قد يكون مغشوشاً بمواد دوائية غير معلن عن وجودها في المنتج، مثل سيبوترامين أو السيلدنافيل».

ونصحت الدائرة بالتحدث مع مقدم الرعاية الصحية قبل البدء باستخدام أي مكملات غذائية، لمناقشة الفوائد والمخاطر المحتملة، خصوصاً إن كان الشخص يعاني أي مشكلات صحية، كارتفاع ضغط الدم، أو السكري، أو أمراض الكبد والكلى، أو أمراض القلب، مؤكدة أن «وجود منتج يحقق نتائج سحرية بشكل سريع وفعال وآمن، هو حلم يتمناه الجميع، ولكن توافر هذه الخصائص في منتج واحد مجرد أكذوبة لا وجود لها».

وأشارت إلى أن المنتجات المحظورة تم منعها، والتحذير من خطورتها من جانب جهات طبية وبحثية عدة، منها وزارة الصحة، ومعمل مجمع زايد للأعشاب، والهيئة العامة للأغذية والدواء في السعودية، وهيئة الغذاء والدواء الأميركية، ووزارتا الصحة الأسترالية والكندية، وإدارة المنتجات العلاجية في أستراليا، ووكالة الأدوية البريطانية.

كما جدّدت الدائرة تحذيراتها من شراء مثل هذه الأدوية من خارج الدولة، أو عبر الإنترنت، لعدم أمانها وسلامتها، وضعف الرقابة عليها، وافتقادها أدنى متطلبات التصنيع الجيد للأدوية.

إلى ذلك، أكد مختصون في التغذية والصحة العامة، أن تناول المكملات الغذائية، والهرمونات المحفزة، بهدف تضخيم العضلات دون إشراف طبي، يعرض للإصابة بأمراض الفشل الكلوي والكبدي، والعقم، وقد يؤدي إلى الموت المفاجئ.

وأكدوا أن الربح المالي هو ما يدفع مدربين وملاك صالات رياضية للترويج لها والاتجار فيها، الأمر الذي نتج عنه كثير من المشكلات والمضاعفات الصحية لمستهلكيها.

وحذرت مديرة إدارة التغذية السريرية في قطاع الخدمات الطبية المساندة في هيئة الصحة بدبي، وفاء عايش، من الاستخدام العشوائي للمكملات الغذائية وهرمونات النمو، خصوصاً لممارسي رياضة كمال الأجسام، بهدف بناء العضلات، كونها قد تكون سبباً مباشراً للإصابة بالفشل الكلوي والكبدي، وضمور الخصيتين، والضعف الجنسي، والعقم، والموت المفاجئ.

وقالت إن المنظمات الطبية العالمية شددت على ضرورة أن يكون المصدر الأساسي للفيتامينات والعناصر الغذائية هو الطعام بالدرجة الأولى، ولا تعطى من خلال مصادر أخرى إلا بوصفة طبية، وبعد إجراء وعمل الفحوص الطبية التي تثبت الحاجة إليها.

ولفتت إلى أن «سعي رياضيين للحصول على مواصفات جسمانية معينة، يدفعهم إلى تناول أنواع مختلفة من هرمونات التستوستيرون، إضافة إلى أنواع أخرى، لتحفيز العضلات، دون النظر إلى مضاعفاتها ومخاطرها على حياتهم، خصوصاً أن غالبية الصالات الرياضية أصبحت تتاجر في هذه المنتجات دون التعاقد مع أطباء أو مختصين للإشراف على تناولها».

وشددت على ضرورة مواجهة ظاهرة الاتجار والترويج، والاستخدام غير المراقب لها، تحاشياً لموت أشخاص أو الإصابة بأمراض قاتلة.

من جهته، بيّن استشاري طب المجتمع والصحة العامة، الدكتور سيف درويش، أن المكملات الغذائية والمستحضرات التي يستخدمها الرياضيون لبناء الأجسام، منها ما هو قانوني، مثل بعض أنواع الفيتامينات والمكملات الحارقة للدهون، التي حصلت على ترخيص من الجهات الرسمية، وتعطى بوصفات طبية من المختصين. ومنها ما هو غير قانوني، مثل هرمونات النمو، وبعض المواد التي تدخل إلى الدولة وتباع بشكل غير شرعي.

وشدد على ضرورة تعامل الرياضيين مع مختصين في الطب الرياضي، قبل تناول أي مكملات غذائية، أو هرمونات محفزة.

وحدّد استشاري الجهد البدني والصحة العامة، الدكتور أسامة كامل، ثلاث طرق آمنة لبناء الأجسام، تتمثل في الغذاء الصحي، والتدريب الجيد، والنوم بقدر كاف، مؤكداً عدم وجود أي أبحاث أو دراسات أو توصيات من منظمات عالمية باستخدام المكملات أو الهرمونات التي يروج لها في صالات الألعاب الرياضية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ولفت إلى وجود مكونات داخل المكملات والهرمونات قد لا يتحملها قلب اللاعب، وتؤدي إلى وفاته حالاً. كما ربطت أبحاث علمية بين المنشطات وأمراض سرطانية.

وقال إن لجوء رياضيين إلى تعاطي هرمون التستوستيرون لزيادة الكتلة العضلية، يوقف إنتاج الهرمون بصورته الطبيعية من الخصيتين، ويعتمد الجسم على تناوله بشكل خارجي وبجرعات مضاعفة، ما يؤدي تدريجياً إلى ضمور الخصيتين، ومن ثم العقم.

وشدد على ضرورة تكثيف الإشراف والرقابة على الصالات الرياضية، والمنتجات التي تباع بشكل غير مرخص، ومحاسبة من يبادرون بإعطاء وصفات دون الرجوع إلى أطباء أو مختصين في الطب الرياضي.

فقدان القدرة على الإنجاب

حذّر استشاري أمراض الذكورة والإخصاب رئيس قسم جراحة المسالك البولية في مستشفى توام، الدكتور موفق سلمان، الشباب الذين يتناولون المكملات والهرمونات البنائية بغرض بناء العضلات، من احتمال فقدان القدرة على الإنجاب، مشيراً إلى وجود مرضى يترددون عليه لحل هذه المشكلة، اتضح أنهم تناولوا منشطات خلال ممارستهم الرياضة.

وقال إن للهرمونات فاعلية في بناء العضلات، إلا أن استخدامها يستلزم المشورة الطبية، «فقد تتسبب في أضرار جسدية ونفسية، منها تقليل عدد الحيوانات المنوية، وتصغير الخصيتين، وزيادة حجم الثديين».


3

طرق آمنة لبناء

الأجسام: الغذاء

الصحي، والتدريب

الجيد، والنوم الكافي.

مانشيتات قد يهمك