«الاتحادية العليا» تؤيّد تطبيق حدّ الحرابة بحق متهمين في جريمة قتل
أيدت المحكمة الاتحادية العليا تطبيق حدّ الحرابة، وإعدام متهمين قتلا عمدا شخصا بهدف طلب فدية من ذويه، وقررت تحويل أوراقهما إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، للتصديق على الحكم قبل تنفيذه، مبينة أنه لا يجوز ترك حدّ الحرابة، أو إسقاطه، أو العفو عنه، متى ثبت، وهو ما تحقق في الواقعة.
وفي التفاصيل، أحالت النيابة العامة متهمين للمحاكمة الجنائية، إذ قتلا عمدا مع سبق الإصرار والترصد شخصا، باستدراجه إلى مستودع خاص، وطلبت معاقبتهما.
واعترف المتهمان في محضر جمع الاستدلالات، وفي تحقيقات النيابة العامة، بأنهما اتفقا على استدراج المجني عليه إلى المستودع الذي يعمل فيه أحدهما، بحيلة أقنعه بها المتهم الثاني، هي أنه يرغب في عمل ديكور لإقامة حفلة، بعدما علما بطبيعة عمل المجني عليه.
وقد استطاع المتهم الثاني استدراج ضحيته إلى المستودع، الذي اختاراه لأنه بعيد عن العمران حتى لا يتمكن من الاستغاثة، فيما كان المتهم الأول مختبئا فيه، في انتظار وصولهما.
وعندما شعر المجني عليه بالخطر حاول الهروب ولكنهما منعاه من ذلك، وأسقطاه أرضا، وشلا حركته، وتولى أحدهما خنقه، وكتم فمه، والجلوس على صدره، لمنعه من الاستغاثة، بينما تولى الثاني تقييد يديه وقدميه، ووضع لاصق على فمه، ووجهه، ففاضت روحه، واستوليا على هاتفه ومحفظته، وتخلصا من جثته.
وقضت محكمة الجنايات الابتدائية، حضوريا وبإجماع الآراء بإعدام المتهمين، وأيدت قرارها محكمة الاستئناف، ولم يرتض المتهمان هذا الحكم، فطعنا عليه بطريق النقض، مطالبين باعتبار الواقعة لا تعدو أن تكون ضربا أفضى إلى الموت على سند أنهما كانا ينويان احتجار المجني عليه لطلب الفدية من ذويه، وليس قتله، لافتين إلى أن القتل وقع مصادفة لمنع المجني عليه من محاولة الهرب للتحفظ عليه وإطلاق سراحه بفدية، وأن نية إزهاق روح المجني عليه لم تكن متعمدة لديهما، إضافة إلى أن حكم إدانتهما أعملت فيه قواعد حدّ الحرابة على الرغم من انتفاء أركانها، ولم تعمل أحكام الرأفة في حقهما، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهمين، مبينة أن الجريمة المنسوبة لهما تمثل في حقيقتها جريمة حرابة وقتل غيلة، وطبق على الواقعة أحكام الشريعة الاسلامية في حد الحرابة، مؤيدة ما خلص إليه حكم إعدام المتهمين، حيث إذا ما ثبت حد الحرابة، فلا يجوز تركه أو إسقاطه أو العفو عنه لأنه حق الله تعالى.
وبينت هيئة المحكمة أن الحرابة عند المالكية هي إخافة السبيل سواء قصد المحارب المال أم لم يقصده، وأنه يدخل في الحرابة أخذ المال مخادعة، أو بطريق الحيلة مع استعمال القوة، أو عدم استعمالها، كما في حالة خديعة المجني عليه، وأخذه الى مكان بعيد عن الغوث، وأنه لا يشترط لقطع الطريق مكان معين، فحيث تحققت إخافة المارة فهي محاربة، ولا فرق بين أن يكون ذلك في الحضر أو المنازل أو الطرق.
واعتبر المالكية أن كل خروج عن النظام العام لارتكاب الجرائم يعد حرابة، ما دام الجاني عنده القدرة على الإزعاج والتخويف أيا كان نوع هذه القدرة، سواء كان فردا أم جماعة، ولا يشترط مالك والشافعي وآخرون وجود السلاح، بل يكفي عندهم أن يعتمد المحارب على قوته، ويكفي عند المالكية مجرد المخادعة، حتى لو لم يستعمل القوة بأن يستعمل المحارب أعضاءه كالكز أو الضرب بحجم الكف، وأن الحرابة في حدّ ذاتها جريمة وينظر فيها إلى معنى محاربة الله ورسوله، وليس إلى ما يرتكبه المحاربون من سرقة أو غير ذلك.