نساء يشترطن عدم التعـدد فـي عقود الزواج
أفاد مختصون بأن هناك فتيات مقبلات على الزواج، يضعن شروطاً في عقود الزواج تمنع الرجال من تعدد الزوجات، لتكون سبباً لطلب الطلاق في حال عدم الالتزام بها. وأكدوا أن المحاكم لا تعتد بها في حال طلبت المرأة الطلاق من دون وقوع ضرر ملموس لحق بها نتيجة لذلك، إذ إن الشرع والقانون أعطيا الرجل الحق في التعدد، حتى من دون علم أو موافقة زوجته على ذلك، وأن على المرأة إثبات الضرر المادي أو النفسي الواقع عليها من تعدد الزواج للحصول على الطلاق.
وتشير بيانات رسمية الى أن الدولة تعد الأولى خليجياً في نسبة الطلاق، إذ وصلت إلى 36٪ بين المتزوجين العام الماضي، وبحسب تقرير للمركز الوطني للإحصاء، فقد بلغ عدد حالات الطلاق المسجّلة في الدولة 4315 حالة عام ،2009 مقابل 3855 حالة عام ،2008 و2783 عام .2007أ
وتفصيلا، قال الخبير في الاستشارات الأسرية عيسى المسكري، إن بعض النساء يضعن شرطاً في عقود الزواج يلزم أزواجهن بعدم الزواج من أخريات، ويشترطن في ذلك موافقتهن أو علمهن قبل أن يقدم الزوج على الزواج من أخرى، بحيث يمنحن هذا الشرط الحق في طلب الطلاق في حال أخل الزوج به، لافتاً إلى أن كثيراً من النساء يفعلن هذا الأمر من منطلق رفضهن لفكرة الزواج الثاني، ومشاركة أخريات في أزواجهن، والبعض يضعن هذا الشرط نظراً لعدم قدرتهن على الإنجاب.
وأضاف أن الاتفاق على شرط عدم الزواج من أخرى يتم عند الخطوبة وقبل بداية العلاقة الزوجية، إذ يمكن لأي من الزوجين في هذه الفترة أن يضع ما يرى من شروط، فالبعض من الأزواج يضع شروطا في مسائل متعلقة باستمرار المرأة في العمل، او استكمال دراستها، أو حتى في قيادة المركبة.
إثبات الضرر
وينصح المسكري المرأة التي يتزوج عليها زوجها بعدم اللجوء إلى المحكمة، وأن تنظر إلى الضرر المترتب على الطلاق، والذي وقع عليها وعلى الابناء، وألا تكون نظرتها إلى نفسها فقط، مؤكداً أن تعدد الزوجات هو حق جائز للرجل، على أن يعدل بينهن، ولا يفرط في حقوقهن في المعاشرة والانفاق، ويحق للمرأة أن ترفع دعوى تطلب الطلاق متى وجدت انها متضررة وإثبات هذا الضرر، سواء كان جسدياً أو نفسياً ومعنوياً، كأن لا ينفق عليها ولا يبيت معها في الفراش.
ولفت إلى أن أكثر الأسباب المؤدية إلى الطلاق هي الخيانة الزوجية، ثم سوء التفاهم وأدب الحوار وكثرة المقاطعة، وتدخل أهل الزوج أو الزوجة في الحياة الزوجية، وغياب الوازع الديني، وقلة التوعية والثقافة الاسرية، وعدم التوافق الاجتماعي.
حق شرعي
وأكد المستشار أحمد عبدالحميد، القاضي بالمحكمة الاتحادية العليا، أن للرجل الحق في أن يتزوج باثنتين أو ثلاث، باعتبار أنه يستعمل حقاً شرعياً خوله إياه الشرع والقانون، إلا أن من حق الزوجة التي تزوج عليها زوجها، إذا وجدت في هذا الزواج ما يضر بها، كأن يكون هذا الزوج لا يعدل بينها وبين الزوجة الجديدة، أن تثبت ذلك وتطلب الطلاق إن شاءت، أما الزواج في حد ذاته فلا يعد ضرراً موجباً للطلاق، وإنما يتحقق الطلاق عند الهجر من الفراش أو عدم العدل سواء في المعاشرة أو في الانفاق.
ويضيف أنه يحق للمرأة طلب الطلاق إذا تضررت من معاشرة زوجها، سواء كان هذا الضرر مادياً، كأن يتعمد إيذاء بدنها كالضرب ونحوه، أو الامتناع عن معاشرتها المعاشرة الشرعية التي يستلزمها الشرع بين الرجل وزوجته، أو كان ضرراً معنوياً، كأن يتعمد إيذاءها معنويا ونفسيا، شريطة أن يكون هذا الضرر مما تستحيل معه العشرة، وهي مسألة موضوعية تخضع لسلطة قاضي الموضوع في مسألة تقدير أن الفعل الذي يقوم به الزوج تجاه زوجته يمثل الضرر الذي تستحيل معه العشرة، سواء كان ضررا ماديا أو معنويا ، وفي تلك الحالة يكون من حق الزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها، ويقع عليها عبء إثبات هذا الضرر إعمالا لقاعدة من ادعى دعوى فعليه إثباتها.
وتابع أن هجر الفراش من الأضرار التي يمكن أن تستند المرأة إليها طلباً للطلاق، كونه من الأضرار النفسية الموجبة للطلاق، وتستطيع الزوجة أن تثبته بيمينها، لانه يتعذر إثباته بشهادات الشهود، وطبقا للتطور العلمي الحديث تستطيع الزوجة بالكشف الطبي أن تثبت مدة الهجر الواقع عليها بطريق الكشف الطبي الشرعي.
وقال إنه إذا لم تستطع المرأة إثبات الضرر، وظل الشقاق بينها وبين زوجها، وعاودت الشكوى للقضاء، كان على المحكمة أن تعين حكمين، حكماً من أهلها وحكماً من أهل الزوج، للوقوف على حقيقة الشقاق الدائر بين الزوجين ومن المتسبب فيه منهما، وهل السبب راجع للزوج أو الزوجة، وهنا يدلي الحكمان برأيهما في هذه المسألة، ويتعين على المحكمة الالتزام برأي المحكمين، فقد يرى الحكمان التفريق بين الزوجين، مع احتفاظ الزوجة بحقوقها الشرعية، إذا كان الضرر راجعا إلى الزوج. أما إذا كان الضرر راجعا إلى الزوجة ورأى الحكمان ذلك، فإنه يتعين عليهما القضاء بالتفريق مع تحميل الزوجة تعويضا مناسبا، ويصير التفريق بمقابل وهو ما يسمى بقاعدة «الخلع».
أما إذا كان الضرر يدور سببه لأمر رجع للطرفين، الزوج والزوجة، ولم يستطع الحكمان التوفيق، ورأيا التفريق بينهما فيتعين أن يتحمل كل طرف جزءا من الحقوق، كأن تتنازل الزوجة عن نصف أو ربع حقوقها أو طبقاً لما يراه الحكمان في هذا الشأن.
واشار إلى أن رأي الحكمين إذا كان ملزما للزوجة والزوج، إلا أن للمحكمة الحق أن تعدل من هذا الرأي إذا وجدت مخالفة شرعية، حتى يتناسب الأمر مع مقتضيات الشريعة، وذلك في حال اتفاق الرأيين.
أما إذا اختلف الحكمان فرأى أحدهما التفريق لوجود ضرر من الزوج، ورأى الآخر عدم التفريق لانتفاء الضرر، هنا وجب على المحكمة أن تعين حكماً ثالثاً مرجحاً، وتقضي بناء على ما ينتهي إليه الحكم الثالث، سواء اختلف او اتفق مع أحد الحكمين.
ولفت إلى أن المرأة من حقها أن تطلب الخلع، وقد يكون ذلك بعد الاتفاق مع زوجها على أن يطلقها طلقة بائنة مقابل أن ترد إليه مهره، أو مقابل جزء من المال، ويتراضى الطرفان في هذا، وهنا وجب على المحكمة أن تقضي بالتفريق بين الزوجين، وفي حال عدم الرضا فللزوجة أن تلجأ إلى المحكمة وتطلب الطلاق مقابل ردها كل الحقوق لزوجها، مقابل أن تقضي المحكمة بالخلع منه.
استئذان الزوجة الأولى
وأفاد المحامي علي خضر العبادي، بأن الزواج من أخرى دون إعلام الزوجة الأولى ليس مبرراً قانونياً أو شرعياً للطلاق، ولا تعتد به المحاكم لتحقيق طلب الطلاق، أو حتى لو وضع شرط ينص على ذلك في عقد الزواج، من منطلق أنه حق كفله الشرع والقانون للرجل، ومن ثم لا يحق للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها استناداً إلى ذلك، وأن للمرأة الحق في طلب الطلاق إذا لحقها ضرر في حقوقها الزوجية جراء الزواج الثاني، وعليها اثباته.
ويؤكد أهمية الاستئذان من الزوجة الأولى أو إعلامها على الأقل بالزواج الثاني تجنبا للدخول في مشكلات اسرية قد تتوسع وتتصاعد إلى المحاكم، مؤكداً أن العلاقة الزوجية يجب أن تكون مبنية على الوضوح والشفافية بين الطرفين، ويجب أن يمتد هذا الأمر عند إقدام الزوج على الزواج من أخرى، إذ يستحسن أن يعلم زوجته بهذا الأمر، وذلك من الناحية الأدبية.
من جانبها، قالت الناشطة في العمل الاجتماعي مريم الأحمدي، إن تعدد الزوجات هو حق مكفول للرجل بموجب ما نصت عليه الشريعة الإسلامية، لكن عليه أن يحقق شروط العدل بين زوجاته في المبيت والانفاق وغير ذلك من الحقوق، ولا يميل إلى واحدة على حساب الأخرى، مشيرة إلى أنه يتوجب على الرجل من باب الأخلاق والاحترام لزوجته أن يعلمها بزواجه الثاني وأن يترك لها حق تقرير الاستمرار أو عدم الاستمرار في العلاقة الزوجية في وجود زوجة ثانية أو أكثر.
وتابعت أن هناك فتيات يقبلن الزواج من رجال متزوجين، سواء علناً أم سراً، خوفا من العنوسة، ولا يوجد لديهن اعتراض على أن تكون إحداهن هي الزوجة الثانية او الثالثة، لافتة إلى أن أمر تقبل تعدد الزوجات يتوقف على المرأة نفسها، فهناك من تقبل به وهناك من ترفضه تماماً.