شكوك قانونية تواجه الطلاق الإلكتروني
قال قانونيون إن «الطلاق الإلكتروني لايزال محاطاً بالشكوك من حيث وقوعه، على نحو ثابت ويقيني، ولا يُعتبر قطعياً إلا إذا أقرّ به الزوج، لكن يُمكن للزوجة أن تستخدمه في دعوى إثبات الطلاق».
ويعتبر الطلاق الإلكتروني كل عبارة تعني بوضوح ودقة رغبة الزوج في تطليق زوجته، مستخدماً رسالة نصية قصيرة عبر الهاتف المتحرك، أو بريداً إلكترونياً، أو أحد برامج المحادثة، وسواها من الوسائل التقنية.
ووفقاً لإحصاءات أجراها المركز الاستشاري الأسري في دبي، فإن 150 حالة طلاق وقعت في دبي بواسطة وسائل الاتصال الإلكترونية، العام الماضي، وكلها باستخدام الرسائل النصية عبر الهواتف المتحركة، من إجمالي 555 حالة طلاق وقعت في الفترة نفسها.
وأفاد مدير إدارة الأحوال الشخصية في محاكم دبي، محمد عبدالرحمن، بأن «الطلاق الإلكتروني يدخل فوراً في دعوى إثبات طلاق ترفعها الزوجة، لأنها هي المتلقية في تلك الحالة، وهي دعوى مؤقتة حتى يتم إقرار الزوج، أو إثباته بطرق أخرى».
ولفت إلى أن «الطلاق عبر إحدى الطرق الإلكترونية وسيلة من وسائل الإعلان، والمحكمة تثبته حقاً شرعياً، لكنها مرتبطة بإقرار الطلاق من الزوج الذي صدرت منه الرسالة»، مشيراً إلى أن «قانون الأحوال الشخصية الاتحادي من أكثر القوانين التي شملت الوسائل الإلكترونية».
وفي الوقت الذي يعتد فيه المشرع الإماراتي بالطلاق الإلكتروني ويعتبر وسائل الاتصال الحديثة وثائق رسمية، مثل سائر الوثائق التقليدية، رأى المحامي راشد تهلك أن «النكاح يثبت باليقين، ومعناه وجود عقد، ومأذون شرعي، وشاهدين وولي الزوجة، ولذلك لا يجب أن يُرفع هذا اليقين إلا بمثله أو أقوى منه، فالطلاق عبر الوسائل الإلكترونية مشكوك فيه وليس يقيناً ثابتاً».
ويشترط نص المادة (99) من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، أن «يقع الطلاق باللفظ أو بالكتابة، وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة». وأكد تهلك أن «القانون لا يعني الكتابة الإلكترونية، إنما يعني الكتابة اليقينية التي يمكن مضاهاتها عند الخبراء».
وشرح أن «الكتابة اليقينية هي التي تُنسب لصاحبها، وما يكتب عبر الوسائل الإلكترونية لا يشترط أن يُنسب لشخص بعينه، كما أن حيازة أي شخص هاتفاً لا تعني أن يتحمل مسؤولية كل ما يصدر عنه، فالهواتف تتداول حالياً بين الناس، ويُقاس عليها البريد الإلكتروني الذي من السهل اختراقه».
وبيّن أنه «لا يجوز أن يؤخذ بنتيجة المختبر الجنائي في حال إنكار الزوج، وذلك في ما يختص بحالة الهاتف المحمول، وكشف بالرسائل المرسلة، لأن المختبر لا يعلم إن كان الزوج نفسه هو من ضغط على الزر وأرسل الرسالة، أم غيره»، وشكك في أنه «قد تكون الزوجة هي من أرسلت لنفسها الرسالة من هاتف زوجها، أو حتى الزوجة الثانية أو أي امرأة أخرى».
وأيّد ذلك رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي، خليفة محمد المحرزي، الذي أشار إلى أن «تلاعباً يقع في حالات الطلاق الإلكتروني من قبل الزوجات، وذلك للتخلص من حياتهن الزوجية»، مشيراً إلى أن «زوجات يفتعلن رسائل تحوي طلاقهن، وينسبنها لأزواجهن». وسرد مثالاً على ذلك، بأن «زوجة عمدت إلى إرسال رسالة بطلاقها من هاتف زوجها إلى هاتفها، بينما هو نائم في غرفته، مفتعلة صدور الطلاق منه، الأمر الذي اتضحت حقيقته في ما بعد، إذ أنكر الزوج وقوع الحادثة، وأنها هي من أرسلت الرسالة من دون علمه لرفضه طلبها الطلاق». وأشار المحرزي إلى أن «الطلاق بالوسائل الإلكترونية، مثل الرسائل القصيرة عبر الهواتف أو برامج المحادثة الفورية أو البريد الإلكتروني، يقع في ذاته من دون إشكال، ولكن وقوعه قانونياً وقضائياً يعتمد على وجود أدلة وقرائن موضوعية تخول القاضي الاعتراف بوقوعه». وروى المحرزي أن «زوجاً لم تمضِ على زواجه أشهر معدودة، ترك زوجته عند عائلته أثناء سفره خارج البلاد، لاستكمال البعثة الدراسية، فحصل خلاف كبير بين والدته وزوجته، فطلب منها الدخول عبر برنامج للمحادثة الفورية على الإنترنت، لكي ينهرها عمّا بدر منها، ولما احتدم النقاش بينهما أخبرها بأنها: طالق».
في المقابل، أكد المحامي محمد الرضا أن «عبارة (أنت طالق) بأي وسيلة إلكترونية تعتبر عبارة صريحة وتحقق واقعة الطلاق»، لافتاً إلى أن «الطلاق بوسيلة إلكترونية يُعدّ طلقة واحدة فقط، ذلك أن القانون يعتبر أن الطلاق الواقع في مجلس واحد طلقة واحدة».