سليطين يكافح التلوث البيئي براً وبحراً
الغوص في البحر، عادة شبه يومية لخالد سالم سليطين، فهي إلى جانب هواية مفضلة، جزء من مهامه الوظيفية، باعتباره رئيس مكتب الطوارئ البيئي في بلدية دبي، إذ يتفقد قاع البحر ويتأكد من عدم وجود أي ملوثات تضر بالبيئة البحرية، كما أن من مهامه أيضاً الكشف عن الملوثات في البيئة البرية، وهو يؤكد أنه يخصص ساعتين يومياً لجلسة عصف ذهني منفرداً ليخرج بفكرة أو مبادرة بيئية من شأنها أن تضيف للمجتمع. ومن أبرز هواياته أيضاً كرة القدم والقراءة والسفر.
9 أبناء يقول رئيس مكتب الطوارئ البيئية في بلدية دبي، خالد سالم سليطين، إن لديه تسعة من الأبناء (خمسة ذكور وأربع إناث)، أكبرهم محمد وراشد، وهما يعملان في شرطة دبي، وسالم تخرّج في جامعة شفل البريطانية ليصبح أول مهندس جنائي إماراتي، وعبدالله يعمل في القوات المسلحة، ومروان يعمل ايضاً في القوات المسلحة، لافتاً إلى أنه يربي أبناءه على الانضباط والقيم الأخلاقية والطاعة. |
ولد سليطين في منطقة الشندغة في دبي، ودرس في مدرسة حكومية، ثم انتقل في 1978 إلى العمل في البريد المركزي في وزارة المواصلات، وتدرج في عدد من الوظائف، حتى العام 1993، إذ انتقل إلى العمل الخاص وافتتح مكتب مقاولات، لكنه لم يوفق، فانتقل إلى العمل في بلدية دبي عام 2002 في وظيفة مشرف محطات ضخ في إدارة الصرف الصحي، ومنها إلى وظيفة مراقب شواطئ ومزارع في إدارة البيئة، ومن مهامها رصد تجاوزات الشركات والأفراد بحق الطبيعة، وبعد رصده عدداً من المشكلات البيئية تقرر استحداث مكتب طوارئ بيئية وعيّن رئيساً له.
وقال سليطين، لـ«الإمارات اليوم»: «منذ كنت طفلاً في سن الـ14 وأنا أحرص على تنظيف كل بقعة أرى فيها تلوثاً بيئياً، لدرجة أنني إذا رأيت قمامة ملقاة بشكل عشوائي كنت أقضي ساعات طويلة أراقب المكان، وبمجرد رؤية من يفعل ذلك أتوجه إليه وأدعوه إلى عدم رمي القمامة، لما يسببه ذلك من تلوث وضرر بالبيئة»، لافتاً إلى أن حياته كانت مليئة بالتحديات، أبرزها كيفية الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث، ونشر الوعي حول أهمية عدم رمي القمامة إلا في الأماكن المخصصة لها.
وتابع: «من خلال عملي اكتشفت أن محاربة التلوث بأنواعه المختلفة من أهم هواياتي، فما أن أجده حتى أشعر بالحزن والضيق، فللبيئة فضل على الإنسان وأي تلوث يسبب ضرراً للإنسان والحيوانات.
وذكر «عند استحداث مكتب الطوارئ البيئي وضعت عدداً من الأهداف التي يتعين على المكتب تنفيذها، وتمثلت في الحفاظ على البيئة، ورصد المخالفات والبلاغات الطارئة التي تهدد السلامة البيئية، ورفع تقارير عنها إلى المدير العام، كما يعمل المكتب على التحقق من البلاغات والتنسيق مع الجهات المعنية داخل الإمارة وخارجها للتدخل السريع لتصويب الوضع وإزالة المخالفات».
وأكمل: «المكتب يراقب مستويات النظافة العامة في الإمارة، وينظم حملات توعوية بيئية تستهدف تعزيز الشراكة المجتمعية الحكومية ضماناً لسلامة المحيط والبيئة»، مشيراً إلى أن دعم مدير عام بلدية دبي، المهندس حسين ناصر لوتاه، للمكتب من أجل القضاء على الظواهر البيئية السلبية.
وأكد أن من المشكلات التي تمكن من حلها تلوث مياه خور دبي الذي كان يعانيه مرتادو البحر والسكان القريبون منه، حيث كانت تنتج عنها روائح كريهة، موضحاً أنه حرص على وضع الحلول المناسبة للقضاء على هذه المشكلة، وتضمنت مبادرة لإزالة التربة الملوثة من قاع الخور، بواسطة بارجة وجهاز لشفط التربة الملوثة، كما تم تشكيل فريق لإزالة التربة الملوثة تحت مسمى «مراسينا» يضم غواصين من جهات حكومية ومتطوعين.
وتابع أنه نظم حملة عالمية لتنظيف الخور، شارك فيها 500 غواص من مختلف بلدان العالم، واستمرت لمدة ثلاثة أشهر، وتكللت بنجاح باهر بفضل تعاون شركة دبي لصناعة السفن التي وفرت آلات ومستلزمات تنظيف قاع خور دبي، لافتاً إلى أن الشركة تبرعت بما يقارب السبعة ملايين درهم، بهدف المساهمة في إنجاح الحملة، مشيراً إلى أنه نتيجة لجهوده في الحفاظ على البيئة حصل على جائزة الأفكار الأميركية في عام 2012، وجائزتين للأفكار الإماراتية في العام ذاته.
ولفت سليطين إلى أنه بعد نجاح الحملة عمد إلى تشكيل فريق غواصين متطوعين بالاسم نفسه (مراسينا)، تابع لبلدية دبي، هدفه الحفاظ على نظافة الشواطئ وأعماق البحار، لافتاً إلى أنه يوجه بشكل دائم الفريق إلى تنظيف بحار الإمارات كلها والوطن العربي، حاملين معهم أعلام الإمارات.
وأكد أنه استفاد كثيراً من كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ومنها كتاب «رؤيتي» وكتاب «ومضات من فكر»، وتعلم منهما الابتكار والتفكير في أفكار جديدة تسهم في رقي المجتمع وتطوره.
ويعشق سليطين البحر والغوص فيه، قائلاً: «أحرص على تنظيم رحلات الغوص، سواء للمتعة أو لأجل تنظيف قاع البحر من الملوثات والنفايات، ولدي رخصة غوص ماستر 40 متراً، وبسبب عشقي للبحر أصبحت عضواً لمجلس إدارة جمعية دبي لصيادي الأسماك، لمدة أربع سنوات، حيث كان هدفي حماية البيئة البحرية، والمساهمة في تطوير الجمعية وتقديم خدمات الدعم للصيادين».
وأضاف «خلال عضويتي في الجمعية اقترحت على مجلس إدارتها فكرة جديدة تحت اسم (طري وفرش)، لتوصيل الأسماك الطازجة إلى منازل المستهلكين عبر اتصال هاتفي وبأسعار مخفضة تقل عن الأسعار المتداولة في أسواق السمك ومنافذ البيع».
وقال سليطين إنه يهوى عدد من الرياضات المختلفة، ابرزها كرة القدم والغوص، إذ يعشق استكشاف الكائنات البحرية وتنظيف البيئة البرية والبحرية، فضلاً عن السفر والقراءة، مشيراً الى أن حبه للسفر يجعله حريصاً على زيارة الأماكن الطبيعية، محاولاً قدر الإمكان الابتعاد عن المدن والمباني والشوارع المزدحمة.
وأكد أنه يطمح الى تحويل الصحراء إلى مسطحات خضراء تحفظ للبيئة حقها وتحافظ على التوازن البيئي، لافتاً إلى أن لديه مبدأ يحرص على اتباعه في الحياة، وهو ان الدروب مليئة بالحجارة، فلا تتعثر بها، بل اجمعها وابنِ بها سلّماً تصعد به نحو النجاح.
ويعتبر سليطين العمل محور حياته، وعلى الرغم من أن فترة عمله تنتهي ظهراً، إلا أنه لم يتخلف يوماً عن المرور مساء إلى المكتب لتفقد الأحوال، والتأكد من أن نظام الورديات يسير بشكل طبيعي دون مشكلات.
وتابع: «لا أستطيع التغيب عن المكتب، لا أحد يطلب مني الحضور مساء، ولا هي ساعات العمل الرسمية، لكني أشعر بأن ذلك واجب علي، وأفعل ذلك أيضاً في أيام نهاية الأسبوع، فالعديد من المشكلات تحدث فجأة كغرق سفينة في الخور أو احتراق مركب أو أي طارئ آخر، ولا أريد أن أكون آخر من يعلم، أريد أن أكون أول من يتوجه لحل المشكلة، وتوزيع المهام لتنتهي بالشكل المطلوب دون تأخير أو خسائر».
قال سليطين: «أخصص ساعة أو ساعتين يومياً لجلسة عصف ذهني لأخرج بفكرة أو مبادرة، ما من شأنها أن تضيف للمجتمع أو تخدم المواطن والمقيم، وأسعد اللحظات لدي هي عندما يتصل بي أشخاص لا أعرفهم يطلبون العون والمساعدة، فذلك يخلف لدي شعوراً بالفرح لأنني أحب العطاء، ودائماً أفكر كيف يمكنني أن أعطي».