إصابة 100 إطـفائي ووفــاة 4 الـعـــــام الجــاري
نقص المياه في أجساد الإطفائيين أبرز أسباب إصابتهم بالإنهاك الحراري. الإمارات اليوم
قال مسؤولون في إدارة الدفاع المدني إن هناك فهماً خاطئاً للاختناقات التي يصاب بها رجال إطفاء خلال أدائهم واجبهم، موضحين أن ما يتعرض له الإطفائي لا يندرج في إطار الاختناق بالمفهوم الطبي للكلمة، وإنما هو ناجم عن الإصابة بالإنهاك الحراري نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وفقدان الجسم كمية كبيرة من سوائله.
وتقدر إحصاءات حديثة عدد رجال الإطفاء الذين أصيبوا باختناقات أثناء أدائهم واجبهم في السيطرة على الحرائق خلال العام الجاري بأكثر من 100 إطفائي على مستوى الدولة، إضافة إلى أربعة إطفائيين استشهدوا في حوادث وحرائق شبت في أبوظبي والعين ودبي.
وقال مسؤولون في إدارة الدفاع المدني إن حالات الاختناق التي شهدتها حرائق معينة، تمثل حالات استثنائية، ولا تقلل من شأن كفاءة رجال الإطفاء، مشيرين الى أن عوامل متداخلة أدت إلى زيادة عدد الإصابات في صفوفهم، من بينها ارتفاع درجات الحرارة، والصيام في شهر رمضان.
ويتوزع عدد الإطفائيين الذين تعرضوا للاختناق على النحو الآتي: 22 إطفائياً في أبوظبي، في حريقين منفصلين وقعا في بنايتين سكنيتين في منطقة الخالدية وشارع المطار، و66 إطفائياً في الحريق الذي شهدته منطقة القوز في دبي، والباقون في حوادث متفرقة.
تدريبات عالية المستوى
وشرح مدير إدارة الطوارئ والسلامة العامة في شرطة أبوظبي العقيد عثمان التميمي، أن الإجهاد الحراري الذي يصيب رجال الدفاع المدني عادة، لا يندرج في باب الاختناق بالمفهوم الطبي «إذ تتسبب درجات الحرارة العالية في مواقع الحرائق بشعور الإطفائي بإجهاد بدني».
واعتبر حالات الإنهاك الحراري التي أصابت رجال الدفاع المدني في الحريقين الأخيرين في أبوظبي استثنائية «لأن الحادثين وقعا في شهر رمضان، إضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة التي أصابتهم بدورها بالإنهاك الحراري».
وأكد التميمي أن «رجال الدفاع المدني يحصلون على تدريبات عالية المستوى في كيفية مواجهة الحرائق والسيطرة عليها، بحيث لا يتسببون في وقوع خسائر بشرية، أو إلحاق الضرر بأنفسهم، كما أنهم يتمتعون بعنصر اللياقة البدنية من خلال البرامج المتواصلة التي يحصلون عليها في أقسامهم المختلفة».
مستلزمات الحماية
ومن جهته، يؤكد رئيس قسم الإنقاذ الفني والتدخل السريع في أبوظبي المقدم محمد عبدالله النعيمي أن رجال الإطفاء لا يصابون باختناق بالمعنى الذي تتداوله وسائل الإعلام «إذ يلتزم رجل الإطفاء بمستلزمات الحماية الشخصية التي تشمل البدلة الواقية والخوذة والحذاء، إضافة إلى جهاز تنفس مزود بأوكسجين مضغوط، يمنحه القدرة على التنفس داخل موقع الحريق، خلال أدائه المهام المطلوبة منه. أما الاختناق الذي تقصده وسائل الإعلام، فهو حالة مرضية تصيب الأشخاص أو الضحايا الموجودين داخل موقع الحريق لعدم قدرتهم على التنفس».
وتابع أن هناك نظماً معتدلة للعمل تسمح بتغيير رجال الإطفاء وتدويرهم بين ساعات العمل المختلفة للحيلولة دون إصابتهم بالإنهاك الحراري. موضحاً أن الآليات والمعدات التي يتم استدعاؤها للسيطرة على حادث حريق تكون مصحوبة بأجهزة تنفس لرجال الإطفاء، إضافة إلى وحدة كاملة تحتوي على عدد من اسطوانات الأوكسجين الاحتياطية.
وأضاف أن «هناك توجيهات إلى رجال الدفاع المدني بالإفطار أثناء أدائهم مهامهم الإطفائية في مواقع الحوادث خلال شهر رمضان، وتناول السوائل والعصائر الضرورية لتعويض ما يفقدونه من المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتجنيبهم الإصابة بالإنهاك الحراري الناتج عن بذل كمية مضاعفة من المجهود البدني والعضلي بسبب ارتفاع درجات الحرارة في مكان الحادث وفترة عملية الإطفاء والإنقاذ التي قد تمتد لساعات».
البنايات القديمة
وقال مدير الإدارة العامة للدفاع المدني، اللواء الركن محمد سالم بن كردوس «إن معظم الحرائق التي تنشب في البنايات السكنية في أبوظبي تكون في البنايات القديمة التي يتم تقسيمها من قبل السماسرة وتأجيرها لأسر وعزاب بما يفوق الطاقة الاستيعابية لها، وهو ما يزيد العبء والضغط الكهربائي على البناية، وينذر بنشوب حريق».
وأضاف «أن فرق الدفـاع المدني واجهتها صعوبة كبيرة أثناء عمليات إخلاء السكان وإطفاء الحريق الذي شب في بناية شارع المطار أخيراً، بسبب عدم تجهيزها بإجراءات الأمن والسلامة وتكدس السكان بداخلها، ما تسبب في اختناق عدد من رجال الإطفاء». ويشار إلى أن 42 شخصاً منهم ثمانية من رجال الدفاع المدني في أبوظبي أصيبوا بحالات اختناق جراء حريق شب في بناية سكنية في منطقة الخالدية في أبوظبي، وأتى على الطوابق الثلاثة الأخيرة من البناية المكونة من تسعة طوابق ويسكنها عشرات الأسر والعزاب.
كما أصيب 67 شخصاً، منهم 14 رجل إطفاء، باختناقات بسيطة إثر حريق شب في الطابق الـ15 من بناية سكنية تقع على شارع المطار في أبوظبي، عندما اندلعت النيران من جهاز تكييف في شقة «روف»، وامتدت لتطال ثلاث شقق أخرى.
وقال بن كردوس الذي تواجد في موقع الحريق إن البناية تفتقر إلى إجراءات الأمن والسلامة وغير مجهزة بخراطيم إطفاء الحريق الأمر الذي أدى لوقوع الكثير من حالات الاختناق وقت قيام رجال الدفاع المدني والتدخل السريع بإخلاء السكان من البناية».
الاختناق طبياً
عرف الاختناق طبياً بأنه حالة تصيب الجهاز التنفسي عندما لا يتوافر الأوكسجين الذي يدخل رئة الإنسان بكمية كافية، ويشعر بالإجهاد والإعياء عندما تقل نسبة الأوكسجين في الهواء المستنشق. ويتسبب استمرار عدم وجود مد كاف من الأوكسجين في تلف الأنسجة التنفسية، وموت الخلايا العصبية الحيوية في الدماغ بعد انقطاع الأوكسجين عنها لمدة ثلاث دقائق فقط.
ويحدث نقص الأوكسجين في الهواء المستنشق في الأبنية التي تمتلئ بالغاز أو الدخان أو في المصاعد والأنفاق.
وخلال الحرائق تتصاعد ألسنة الدخان محملة بأول أكسيد الكربون، إذ تعتبر الكميات الكبيرة منه قاتلة، الأمر الذي يتسبب في تلف الدماغ على المدى البعيد، إضافة إلى مشكلات الرئة والعيون والتهابات عدة. وبلغ إجمالي عدد الحرائق التي شهدتها الدولة خلال 2007 م حتى أغسطس الماضي 4334 حادث حريق، نتج عنها وفاة 40 شخصاً وإصابة 163 شخصاً بإصابات مختلفة.
وفيات وإصابات 2008
مارس
توفي عنصر للدفاع المدني في المنطقة الغربية دهساً، بينما كان يؤدي مهمته الأخيرة في السيطرة على حريق شبّ في إحدى الحافلات في «الرويس».
وتسبب الدخان الكثيف لحريق وقع في مستودعات بمنطقة القوز الصناعية في مارس أيضا في إصابة 66 من رجال الدفاع المدني والمشاركين في الإطفاء باختناقات شديدة، ونقل أربعة منهم لتلقي العلاج في المستشفيات، وتم إسعاف الباقين في موقع الحريق، وعادوا بعدها لمواصلة عملهم.
مايو
توفي ضابط برتبة ملازم «مواطن»، وفرد «يمني الجنسية» تابعان للدفاع المدني أثناء مكافحتهما حريق شب في مبنى تحت الإنشاء في نخلة جميرا بدبي، حيث تسبب الحريق الذي استمر لأكثر من 10 ساعات في انبعاث أدخنة كثيفة، وتم استخراج جثتيهما بعد السيطرة على الحريق، وبحسب مصادر في الدفاع المدني وقتها فقد اقتحما المتوفيان المبنى للوصول إلى مكان انبعاث الأدخنة، إلا انه بعد غيابهما لفترة دخلت فرقة للبحث عنهما، وفي اثناء ذلك وقع انفجار مفاجئ تسبب في إصابة احد الضباط ما حال دون الوصول إليهما، وأشارت المصادر إلى أن فرق البحث عثرت على جثتيهما فجراً بسبب الاختناق.
وتقدر مصادر الدفاع المدني أن عدد المتوفين من أفراد الدفاع المدني في دبي خلال العامين الماضيين أثناء تأدية واجبهم بلغ أربعة أفراد.
يوليو
توفي رجل الدفاع المدني الشرطي حمد عبدالله البلوشي أثناء قيامه وزملائه بعملية إخماد حريق في المنطقة الصناعية بالعين، حيث كان الفقيد متواجداً في موقع حريق أحد مستودعات بيع مواد البناء وكان يعمل بكل طاقته أملاً في مكافحة وإخماد النيران والحد من انتشارها إلى المواقع والمحال المجاورة للمخزن وظل يعمل حتى أنهى ما أوكل إليه، وفجأة شعر بالإعياء ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد نقله للمستشفى.
أغسطس
أصيب اثنان من رجال الإطفاء العاملين في إدارة الدفاع المدني في العين في حـريق شـب في شقـة مستخـدمة من إحـدى مكتبات القرطـاسية الواقـعة في ذات البناية كمستودع كبير للقرطاسية والأدوات المكتبية، حيث تم نقل المصابين الى مستشفى العين الحكومي بعد أن تعرضا لإصابات متفاوتة نتيجة الحادث.